السلاحف البحرية تواجه مخاطر التلوث النفطي بلبنان

لم يكن ينقص السلاحف البحريّة المهدّدة أصلا بالانقراض إلا استمرار مؤثرات التلوّث النفطي الذي تسرّب إلى البحر اللبناني بسبب الغارة الإسرائيية التي استهدفت خزانات معمل "الجية" الحراري لتوليد الطاقة الكهربائية خمسة كيلومترات جنوبي بيروت أثناء حرب يوليو/تموز 2006.

ورغم مرور عامين على انتهاء الحرب تستمر موجات من النفط تضرب الشواطئ، وتظهر في نواح مختلفة من البحر دون أن تتمكّن الفرق المحليّة المدعومة دوليا من إنجاز عمليّة مكافحة التلوّث.

أهمية السلاحف

ويولي علماء البحار أهميّة كبرى لتوليد وتكاثر السلاحف لما لها من فضل على الحياة البحرية، فيبحثون عن سبل لحمايتها، وخصوصا حماية أعشاش تبييضها، ثم صغارها بعد تفقيس بيوضها مباشرة.
وتقوم السلاحف بتجديد حياة النبات البحريّة لأنها تأكل المتيبّس من الحشائش على الشواطئ، فتنبت مكانها حشائش جديدة تشكل البؤر الصالحة لتبييض مختلف أنواع الأسماك.
وقال رئيس فريق عمل محميّة جزر النخل الدكتور غسان جرادة للجزيرة نت "المشكلة هي أن السلحفاة تنضج بعد عمر اثني عشر عاما، وتبيض مرة كلّ عامين، ولذلك تبقى معرّضة للاصطياد فترة طويلة من الزمن قبل أن تبدأ تكاثرها، فهي تشكّل طعاما دسما للصيادين، وللحيوانات البريّة والطيور الكاسرة".

تراجع في الأعداد
وأضاف أن "إنتاج موسم هذا العام من السلاحف كان متراجعا جدا عن الأعوام التي سبقت التلوّث النفطي، فالسلاحف الجديدة لم تتعدّ الثلاثمائة، بينما كانت بالآلاف سابقا".
واعتبر السبب الرئيسي لذلك هو "التأخر في تنظيف البحر من الملوّثات النفطية. فالسلحفاة تتمتّع بحاسّة شمّ عالية، وعندما تقترب من الشاطئ لتضع بيوضها تهرب من رائحة النفط، وتضع بيوضها في البحر غير الآمن عليها".

وأوضح أن "واحدة من ألف سلحفاة تنجو من الموت. فعندما تفقس السلاحف على الشواطئ، تهاجمها الكلاب والحيوانات الشاردة وتقتات عليها، ونحن نؤمّن لها حماية عالية في الجزر حيث نمنع الاقتراب من المحمية لتسعة أشهر، ونحافظ على أعشاشها. نحن نؤمّن تفقيسا سليما للبيوض، ومكانا تغيب عنه الطيور الكاسرة ليلا".

وقال "لكنّ المشكلة تخرج عن سيطرتنا عندما تتجه السلاحف الجديدة بشكل جماعي إلى البحر، وتظل تسبح على وجه المياه لمدّة 24 ساعة، فتهاجمها مختلف أنواع الحيوانات البحرية والطيور وتقضي على غالبها، ولا نعرف إن كانت واحدة أو أكثر قد نجت".

تنظيف الشواطئ
وتستمرّ عملية تنظيف شاطئ المحميّة، المكان الأكثر أمنا لتبييض السلاحف، لكنّ ورشة العمال توقفت منتصف رمضان بسبب عدم القدرة على العمل طوال النهار في أشعّة الشمس الحارقة.
وقال مدير المحمية عصام صيادي المشرف على أعمال التنظيف إن العمل سيعاود بعد عيد الفطر على مستويين: أولا يدويا، بتجميع الترسبات النفطية السميكة ببراميل، ثمّ بواسطة مضخّات ضاغطة للمياه لإزالة الترسبات الملتصقة بالصخور على أن تجمّع الفضلات في أقمشة مخصّصة لهذه الغاية، وتوضع في مستوعبات لتعالج لاحقا بالتعاون بين وزارتي الزراعة والبيئة"
وكانت وزارة البيئة اللبنانية أصدرت تقريرا ذكرت فيه أن كمية الفيول المتسربة بلغت بين 12 و15 ألف طن، وقذفتها الرياح شمالا لمسافة 150 كيلومترا، وأن تعاونا جرى لمكافحة التلوّث مع الحكومات السويسرية والأميركية والكندية والإيطالية، وجمعيات لبنانية.
كما شغل الحدث دوائر عالمية عقدت مؤتمرات لبحث مخاطره مثل اليونان بعد أيام من وقف حرب 2006، وقبرص أواسط فبراير/شباط 2007.


المصدر: الجزيرة

0 تعليقات:

إرسال تعليق

أخبرنا ما رأيك فيما قرأته في الموضوع السابق!

 
جميع الحقوق محفوظة © عالم الحيوان للأطفال والناشئة | تصميم "يمان"